للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلوبهم الخوف، وأمره أن يغير على تلك البلاد وتصل إغاراته إلى الباب وبزاعا، فاحذروا كل الحذر.

وأما الأمير سودي، نائب حلب، فإنه قد كان أرسل كشافة من الغرب إلى صوب الرحبة، فوصلوا وأخبروا بأن العدو على الرحبة، وكان قد وصل إليه عسكر من دمشق، وهم الذين عينهم السلطان، وهم: بهادر آص، وبلبان البدرى، والإبراهيمي، فقال لهم سودي: إش يكون عملنا؟ فسكتت الأمراء، فقال لهم بهادر آص: نخاف أن تأتي طائفة من الرحبة وطائفة من مخاضة بالس، ولا نأمن أن يأخذوا الباب وبزاعا وتركمان الجبُّول، وتأتي طائفة من ناحية الروم وسيس، فقالت الأمراء: كيف الرأي؟ فقال: [نجرد] (١) ثلاثمائة فارس من عسكر دمشق وحلب، بخيل جياد، مع الأمير سيف الدين قطلوبك الوشاقي والأمير سيف الدين بن العينتابي، ونسيرهم إلى مخاضة بالس، ونضم إليهم مائتي فارس من العرب يكونون طول النهار على المخاضة، وفي الليل يبعدون عنها، ويقيم عليها عشر فرسان من العرب طول الليل إلى حين يتحقق أمرهم، وتتحقق أخبار السلطان وما هو عليه، فرأى كلهم رأيه هذا مصلحة، فتقدم سودي وفعل ذلك.

فخرج هؤلاء الذين عينهم بهادر آص وساروا يريدون مخاضة بالس، فقال ابن العينتابي لقطلوبك: يا أمير، ما جَرَّدنا الأمراء إلا وظنهم فينا أن ما في عسكر الشام أفرس منا، ونريد أن لا نخيب ظنهم فينا، فقال له قطلوبك: ما الحيلة؟ فقال: نحلف كلنا بأنا لو لقينا خربندا بمجمعه ما رجعنا عنه، فقال: نعم، فحلفوا على ذلك، وساروا ليلًا ونهارًا حتى وصلوا إلى المخاضة في الفجر الأول، فإذا خيل خارجة من الماء، وعلى جانب الماء فرسان تقدير ألفي فارس، والخيل متصلة، فلما رآهم قطلوبك وابن العنيتابي قالا هذه الخيل وقد قطعت الماء، إلا أن هذه أوائلهم، والرأي أن نحمل عليهم ونرميهم إلى الماء، ولو كان خربندا خلفهم، أو نصبر إلى أن يلوح الضوء، فإن رأيناهم في كثرة تأخرنا عنهم شيئًا فشيئًا، وإن كانوا مقدار ما حزرنا أو أكثر من ذلك إلى عشرة آلاف نتقدم،


(١) تجرد: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>