للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما سمع قطلوبك ذلك، قال له: يا كلب، أنت أيضًا تتحدث بهذا الحديث، ويلك ما رأيتم من الخير حتى تدعو الناس إلى ما أنتم فيه من الضلال والفساد، ثم إنه مَدَّ يده إلى قوسه وأطلق نشابة نحوه، فانشمر كل من كان يريد العبور من (١) المخاضة إلى أماكنهم من ذلك الجانب، ثم أنهم رموا بالسهام على قطلوبك، فلما رأى أصحابه ذلك أرموا خيولهم كلها في الماء، فلما رأى التتار ذلك ولوا إلى الإدبار وركنوا إلى الفرار، وهلك من المسلمين في ذلك اليوم جماعة، فهذا الذي جرى لهؤلاء.

وأما ما كان من خربندا فإنه قال لقراسنقر: [ازحفوا] (٢) على البلد فقد طال علينا الأمر، فلما أصبح الصباح تقدمت علوج (٣) المغل، وركب خربندا وبين يديه قراسنقر والأفرح والزردكاش، وتفرقت أمراء المغل إلى المواضع التي عينها لهم خربندا، واجتهد المسلمون أيضًا وحرضهم الأزكشي، [وقامت] (٤) بينهم في ذلك النهار حرب [شديدة] (٥) إلى آخر النهار، وبات أهل الحصن في أمر عظيم من الحصار.

ولما أظلم الليل وخمدت النيران، طلب خربندا الأمراء وقال لهم: إش هذا القتال الذي قد طال بكم؟ ولو نصحتم كنتم أخذتم القلعة في يوم واحد، فقالوا: يا خوند، قد شاهدت بعينك ما جرى في هذا النهار، فقال لهم: غدًا يكون الانفصال، فلا تطولوا، ورتب منازل الأمراء والمقاتلين من الليل.

ولما أصبح الصبح تقدمت المغل، وقدامهم قراسنقر والأفرم والزردكاش، وداروا بالقلعة من كل مكان، ونظر إليهم الأزكشي، فقال لمن معه: يا معاشر المسلمين قاتلوا عن حرمكم وأولادكم، ألا ترون إلى هؤلاء وما هم عليه من الهمة، فقاتلوا بهمة صادقة.


(١) إلى: ومصححة إلى من: في الأصل.
(٢) ارجفوا: في الأصل.
(٣) العلج - علوج: الرجل من كفار العجم، والقوي الضخم منهم، ينظر تاج العروس، مادة علج.
(٤) وقام: في الأصل.
(٥) شديد: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>