للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم هجمت المغل، وأرموا النشاب بلا عدد ولا حساب حتى أن أحدًا من أهل القلعة لا يقدر أن يخرج يده من وراء الستائر، وأرموا عليهم من سبع [منجنيقات] (١)، وبقى قراسنقر يدور بنفسه على المنجنيقات ويحرضهم، وقد أخربوا من أبراج القلعة أربعة أبراج وهدوها إلى الأرض، وقد رجعوا عن الزحف، وأيقنوا بأنهم غداة غد يأخذون القلعة بلا خوف.

وأما رجال الرحبة، فقد باتوا تلك الليلة على الأبراج الخراب (٢) وهم في قلق عظيم.

وأما خربندا فإنه في تلك الليلة طلب قراسنقر والأفرم وجوبان نائبه، [وقال] (٣): ما تقولون في هجومنا القلعة غدًا، فنهض جوبان، وقال: أيد الله الخان، فإنه يعلم أن هؤلاء مسلمون ونحن أيضًا مسلمون، وسمعت اليوم صراخ النساء والصبيان، وما أظن الله تعالى يتخلى عنهم، والرأي أنك ترسل إليهم غدًا وتنذرهم، وتحلف لهم أنهم إذا سلموا القلعة إليك لا تؤذي أحدًا منهم، وإن لم يسلموا فافعل [ما بدا لك] (٤) فقال: هذا هو الرأي.

وأما بدر الدين الأزكشي فإنه طلب مقدمي القلعة وأكابرهم، فقال لهم: اعلموا بأن أبراجًا من القلعة أخربت، وانهدمت قطعة من السور، وما بقى إلا هجومهم علينا، فما رأيكم، فقالوا: نحن بايعنا الله على الموت، فقال صدقتم، ولكن إيقاع الشخص نفسه في التهلكة حرام، وعندنا نساء وأطفال، فلا يحل أن نكون سببًا لهتكهم وسبيهم، والرأي عندي أن نرسل إليهم القاضي والمحتسب ومشايخ البلد، فإن حلف لهم خربندا والأمراء جميعهم أنهم لا يشوشوا علينا، وأن تكون آمنين على أنفسنا وأموالنا وحريمنا وأولادنا سلمنا إليهم وخرجنا، فلم يرض المقدمون على ذلك.


(١) مناجيق: في هذا الموضع والمواضع التالية، وتم تصويبها وفقا لما ورد في المصادر التي تتناول الآلات الحربية.
(٢) الخراب: بين الأسطر في الأصل.
(٣) وقالوا: في الأصل.
(٤) ما بذلك: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>