وبلغ مماليكه الذين قصدوا ذلك علمه بهم هربوا على حمية إلى جهة، وكذلك سار بيبرس البندقدارى وجماعته إلى غزة، وأشاع المماليك الناصرية أنهم لم يقصدوا قتل الملك الناصر، وإنما كان قصدهم أن يقبضوا عليه ويسلطنوا أخاه الملك الظاهر غازى بن الملك العزيز بن الملك الظاهر غازى بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب لشهامته، ولما جرى ذلك هرب الملك الظاهر المذكور خوفا من أخيه الناصر يوسف، وكان الظاهر المذكور شقيق الناصر، أمهما [٤٢٧] أم ولد تركية، ووصل الملك الظاهر إلى غزة، واجتمع عليه من بها من العساكر وأقاموه سلطانا.
ولما جرى ذلك كاتب الملك المظفر قطز صاحب مصر بيبرس البندقدارى، وبذل له الأمان، ووعده الوعود الجميلة، ففارق بيبرس البندقدارى الشاميين، وسار إلى مصر فى جماعة من أصحابه، فأقبل عليه الملك المظفر قطز وأنزله فى دار الوزارة، وأقطعه قليوب وأعمالها.
وأما الملك الناصر يوسف فإنه لما انفرد عن العسكر من قطية كما ذكرنا سار إلى تيه بنى اسرائيل، وبقى متحيرا إلى أين يتوجه، وعزم على التوجّه إلى الحجاز، وكان له طبردار كردى اسمه حسين، فحسّن له المضى إلى التتار، وقصد هلاون، فاغتر بقوله، ونزل بركة زيزا، وسار حسين الكردى إلى كتبغا نوين نائب هلاون، وهو نازل على المرج، وعرفه بموضع الملك الناصر، فأرسل كتبغا نوين إليه وقبض عليه وأحضره إلى مدينة عجلون، وكانت بعد عاصية، فأمر الملك الناصر بتسليمها، فسلمت إليهم فهدموها وخربوا قلعتها أيضا.