للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبلغ ذلك هلاون (١)، وهو نازل على حلب، فانزعج وعاد رجاء أن يكون له فى الأمر نصيب، فلما وجد أخاه قبلاى مستقرّا استقرّ بالأقاليم التى فتحها، فصارت فى يده ويد ذريته إلى يومنا هذا (٢).

وكان عز الدين كيكاوس وأخوه ركن الدين قليج أرسلان سلطانا الروم فى خدمة هلاون لما فتح حلب، ولما رفع السيف من أهلها تقدّم إليه البرواناه وضرب الجوك (٣) وقال: إن أذن لى القان أقول كلمتين بين يديه، فقال له: قل. قال: من قصة عيسى [٤٥٣] ابن مريم عليهما السلام أنه أحيى الأموات، فأطاعه أهل الأرض وآمنوا به حتى تغالوا فى قصته، وقالوا بربوبيّته، والقان فى هذا الوقت أحيى هذه النفوس وصان هذه الرءوس، فلابدّ أن تطيعه البقاع والأقاليم والقلاع، وينفذ حكمه فى الشرق والغرب، ويثقون بعهده ووعده، فحسن موقع كلامه عنده وسأل عن حسبه ونسبه، فعرف به، وهو أن أباه فى أيام السلطان علاء الدين كيقباذ حضر إلى سعد الدين المستوفى بالروم، وكان نافذ الحكم فى الإطلاق وإجراء الأرزاق، فسأله أن يجرى عليه جاريا يقتات به من بعض المدارس يكون درهما فى اليوم؛ وكان شابّا جميلا وسيما من طلبة العلم، واسمه مهذب الدين على، وأصله من الديلم، فمال إليه المستوفى لما رآه من سمته وسمته فقال له: أريد أن أصيرك منى مكان الولد، وأجود لك بما


(١) أى بلغه وفاة منكوقان وتولية قبلاى - انظر نهاية الأرب ٢٧ ص ٣٥٣.
(٢) نهاية الأرب ج‍ ٢٧ ص ٣٥٣ - ٣٥٤.
(٣) الجوك: لفظ تترى معناه الجلوس على الركبتين كعادة المغول فى حضرة ملوكهم - السلوك ج‍ ١ ص ٦٠٥ هامش (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>