للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى ظاهر الأمر، وأوصاهما بما عليه فى باطن السرّ، وخرج ليلة السبت سادس عشر شعبان من الدهليز متنكرا، حاملا بقجة قماش فى زىّ أحد البابيّة (١)، وركب وصحبته الأميران المذكوران، وواحد من البريديّة، وواحد من السلحداريّة، وأربعة جنائب، وساق إلى جهة مصر، وجنيبه على يده، ومرّ بمراكز التبريد متنكّرا لا يعرفه أحد من الولاة، فوصل إلى القلعة ليلة الثلاثاء تاسع عشر الشهر (٢)، فأوقفهم الحرّاس حتى شاوروا الوالى، ونزلوا فى باب الإصطبل، وكان قد رتب مع زمام الآدر، أن يبيت خلف باب السّرّ، فدقّ الباب وذكر لزمام الدّور علائم كان يعرفها، ففتح له، وأحضر رفقته إلى باب السرّ، وأقام يوم الثلاثاء والأربعاء وليلة الخميس لا يعلم أحد، وهو يشاهد الأمراء فى الموكب من شباك على سوق الخيل، فلما كانت بكرة الخميس قدم الفرس ليركب الملك السعيد على عادته، وقدم للسلطان فرس فركب على غفلة، والوقت مغلس (٣)، فأنكر الأمراء الذين فى الموكب الحال، فلما تحققوا [٥٥١] السلطان قبلوا الأرض بين يديه، وعاد من الموكب إلى القلعة، فأقام بها إلى يوم السبت، ولعب الأكرة بالميدان وعاد إلى القلعة، ولما كانت ليلة الأثنين الخامس والعشرين من شعبان سافر عائدا إلى البريد، ولما وصل إلى الدهليز أخذ على يده جراب البريد وفى كتفه فوطه، وتوجّه راجلا ودخل من جهة الحرّاس، فمانعه حارس، فأمسك طوقه، فانجذب منه، وعبر من باب سر الدهليز، وركب عصر يوم الجمعة السابع والعشرين من


(١) البابية: جمع بابا: لقب عام لجميع رجال الطست خاناه، ممن يتعاطى الغسل والصقل وغير ذلك، وأطلق عليهم هذا اللقب لأنهم يقومون بترفيه مخدومهم من تنظيف ملابسه وتحسين هيئته فهم أشبه بالآب الشفيق - صبح الأعشى ج‍ ٥ ص ٤٧٠، ج‍ ٨ ص ٤٢.
(٢) «وصل قلعة الجيل ليلة الخميس حادى عشرين شعبان» - النجوم الزاهرة ج‍ ٧ ص ١٤٥.
(٣) الغلس - أغلاس: ظلمة آخر الليل - المنجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>