للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيوف، ودارت عليهم دائرة الحتوف، فانكسرت الميسرة (١) كسرة تامّة، وأيقنا نحن بالنصرة العامة، وانتهت كسرة ميسرتهم إلى القلب الذى لهم، وبه منكوتمر ابن هلاون، فضعف قلب ذلك القلب، فانهزم طريدا وولى شريدا.

وأما الميسرة الإسلامية فإنها لما صادفها ميمنة التتار وصادمتها تزحزحت عن مواقفها ولم تثبت لنراكم كراديس (٢) التتار وترادفها، ولأنهم كانوا قد بالغوا فى تقويتها، وأمعنوا فى كثرتها، وساقوا وراء المسلمين حتى انتهوا إلى تحت حمص، ووقعوا فى السوقية والعوام وألجأوهم إلى مكان متضايق الزحام، فأبادوا منهم خلقا كثيرا، ولم يعلم المسلمون بما تهيّأ للميمنة المنصورة من النصرة، وما أصاب التتار من الكسرة، فاستقبل بعضهم الطريق، وولّى وهو من سكر الهزيمة لا يفيق، ومنهم من أدّته الجفلة إلى دمشق، فلما دخلوها شاع بين [٦٧٥] أهلها كسرة العساكر الإسلامية، فتشوشت الخواطر، وقلق البادى بها والحاضر، ودخل بعض المنهزمين الضعيفى القلوب إلى جسر يعقوب، ووصل بعضهم إلى غزة.

ولما رأى التتار أنهم قد هزموهم واستظهروا عليهم، نزلوا عن خيولهم فى المرج الذى عند سدّ حمص منتظرين قدوم رفقتهم، معتقدين ربح صفقتهم، ولم يعلموا أنهم قد انكسروا وولوا وأدبروا، فلما طال بهم الانتظار أرسلوا


(١) «الميمنة» فى الأصل، والتصحيح من زبدة الفكرة ج‍ ٩ ورقة ١١٥ أ، كما أنها مصححة بهامش الأصل بخط مخالف.
(٢) كردوس - كراديس: الفرقة الحربية الراكبة، والقطعة العظيمة من الخيل - محيط المحيط.

<<  <  ج: ص:  >  >>