خاضت إليهم عباب البحر مسرعة … كأنها فى طريق مهيع لجب
أذقتهم بعد عزّ مرّ ذلّهم … وبعدا من كؤوس الخوف والوصب
يا رافعا علم الدين الحنيف ومن … أصاب بالحفض دين الرجس والصلب
[٧٢٤]
أن نلت ما أعجزت صيد الملوك بما … أدركت من فتحها الميمون عن كتب
فآية السيف كم من آية نسخت … وطلعة الشمس كم أخفت من الشهب
جزاك ربّك عنه كل صالحة … وكفّ عنك أكفّ الخلف فى النّوب
ودمت ترجى وتخشى ذا علا وسطا … على العدى وعلى الإسلام ذا حدب
واهتّم السلطان بعد ذلك فى استجلاب المماليك الترك والتتار إلى هذه الديار قصدا فى الاستظهار والاستكثار، وبذل الأموال لمن يحضرهم من التجار فى المفاوز والبحار، ورغّبهم بالمسامحات تحقيق الإيراد والإصدار، فجلبوا إليه منهم العدد الكثير، والجمّ الغفير، حتى أنه اقتنى منهم عدّة لم يسبقه إلى مثلها أحد من اشكاله، فكانت زهاء ستّة آلاف اشتراهم بماله، ورباهم تربية الأولاد، برسم الجهاد، وغزو الأعداء والأضداد، ولم يزل مشفقا عليهم محسنا إليهم، ناقلا لهم على التدريج من الجامكيات إلى الإقطاعات، ومن المغاردة إلى إمرة العشرات، ثم إلى الطبلخانات، ومنهم من انتقل إلى تقدمد الألوف وإمرة المئين، وكانوا جميعا عنده كبنيه؛ بل أعزّ من البنين.