للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالمسلمين، ولم يغلقوا للمدينة بابا، وصاروا يخرجون إلى العسكر ويطلب فرسانهم المبارزة، وكان يهرع إليهم الجند من الحلقة والمماليك السلطانية، فيجرى بينهم الكر والفر والمطاعنة، فبقوا على ذلك أياما ونال منهم المسلمون، فجرحوا منهم جماعة، وقتلوا جماعة، وكانوا كل يوم لا يرجعون إلا وهم خاسرون، فرأوا من المسلمين ما ليس فى بالهم، ثم امتنعوا عن القتال والمبارزة، فصاروا يقفون على الأبواب يحفظونها ولا يخرجون منها.

وكانت عدة ما نصب عليها من المجانيق اثنان وخمسون منجنيقا شيطانيا.

وقال بعضهم: اثنان وسبعون منجنيقا (١)، ثم صمم السلطان على الحصار، فرتب الكوسات ثلاثمائة جمل، وزحف سحر يوم الجمعة السابع عشر من جمادى الأولى، ودقت الكوسات جملة واحدة عند طلوع الشمس، وطلع المسلمون مع طلوع الشمس، فنصبت السناجق الإسلامية فوق الأسوار، فولت الفرنج عند ذلك الأدبار، وركبوا هاربين فى مراكب التجار، وقتل منهم خلق لا يعلم عددهم إلا الله، وغنموا من الأمتعة والرقيق والبضائع شيئا كثيرا جدا، وكان فتحها نهار الجمعة، كما أخذتها الفرنج فى نهار الجمعة، جزاء وقصاصا، واستأصل منهم ما ينيف على عشرة آلاف نفس، ففرقهم السلطان على الأمراء ليقتلوهم (٢).

وفى نزهة الناظر: ولما كان الناس فى الحرب مع الإفرنج إذا سهم قد رمى من القلعة وفى نصله ورقة مشدود عليها بخيط، فوقع السهم فى وسط العسكر


(١) «إثنان وتسعون منجنيقا» - السلوك ج‍ ١ ص ٧٦٤، تاريخ ابن الفرات ج‍ ٨ ص ١١١، ص ١١٢.
و «نصب حول المدينة خمسة وسبعين منجنيقا» - بدائع الزهور ج‍ ١ ق ١ ص ٣٦٨.
(٢) «وكان عند فتحها أن أقبل من الفرنج نحو عشرة آلاف فى هيئة مستأمنين، ففرقهم السلطان على الأمراء فقتلوهم عن آخرهم» - السلوك ج‍ ١ ص ٧٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>