للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففتحت بالسيف يوم السبت الحادى عشر من رجب من هذه السنة، فطلع إليها المسلمون ومكنوا السيوف من الأرمن، ولم يرحموا كبيرها ولا صغيرها ولا كهلها ولا شابها، ونهبوا ذراريهم، وذلك لأنهم ما وجدوا بها كسبا طائلا مثل عادة القلاع والحصون، ولم يكن لهم باع كثير، وإنما كانوا مقاتلة، فبذلك حنقت العسكر عليهم، ووضعوا فيهم السيوف بلا رحمة ولا شفقة، وأخذوا منها نحو ثلاثمائة أسير، فأحضروهم إلى مصر، واعتصم كيثاغيكوس خليفة الأرمن (١) المقيم بها فى القلة (٢)، وعنده بعض من هرب من القلعة، فرسم السلطان أنّ يرمى عليهم بالمنجنيق، فلما وتروه ليرمى عليهم طلبوا الأمان من السلطان فلم يؤمنهم إلا على أرواحهم خاصة وأن يكونوا أسرى، فأجابوا إلى ذلك، وأخذ كيثاغيكوس وجميع من كان بقلة القلعة أسرى عن آخرهم.

وأمر السلطان أن يمحى عنها سمة الرومية ولا يسميها أحد بتلك الاسمية؛ بل تسمى قلعة المسلمين الأشرفية.

ثم رتب السلطان سنجر الشجاعى لعمارتها وتحصين قلعتها وترتيب ما يعود على مصالحها، وأمر أن يخرب ربضها ويبعد عنها.

وفى نزهة الناظر: وما رحل السلطان عنها حتى رتب فيها نائبا وهو الأمير جمال الدين أقشى العارضى، وذلك بعد ما قبض على الأمير عز الدين الموصلى بسبب أنه رسم له أن يكون نائبا بها، فأبى ذلك، فقبض عليه، ورتب جمال الدين المذكور، وأقام فى يومه فى القلعة الخليلية.


(١) المقصود هو بطرك الأرمن، فيذكر ياقوت أن بها مقام بطرك الأرمن خليفة المسيح عندهم ويسمونه بالأرمنية كيثاغيكوس - معجم البلدان.
(٢) قلة القلعة: قمة القلعة - لسان العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>