قلت: هذا الذى ذكره بيبرس يخالفه ما ذكره صاحب نزهة الناظر، ولكن الأصح ما ذكره بيبرس لأنه صاحب الواقعة:
إذا قالت حذام فصدّقوها … فإن القول ما قالت حذام (١)
واعلم أن قلعة الروم هذه كانت فتحت أيام الصحابة رضى الله عنهم فى خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه صلحا، واستمر بها أهلها، لأن الصحابة أبقوا كنائس كثيرة على أن يؤدوا الجزية ويطالعوا المسلمين بالأحوال. ذكر ذلك البلاذرىّ وغيره.
وذكر صاحب حماة فى مختصر تاريخه الذى سماه: الحدائق والعيون: أن السلطان نور الدين الشهيد توجه إليها فى سنة تسع وستين وخمسمائة، فتقبل خليفة الأرمن بحمل خمسمائة ألف درهم على سبيل الجزية، فرجع.
واسمها بالأرمنية هروم كلين، وتفسيره بالعربى قلعة الروم، وكانت هذه القلعة كرسىّ مملكة الأرمن وبها خليفتهم واسمه الكيثاغيكوس، وكان قد عدّى المائة سنة، وكانت فى حكم التتار ولهم بها شحنة، أسر فى جملة الأسرى، وكان بها على المسلمين أعظم نصرة.
وصفتها: أنها كانت قديما ثلاث قلاع صوامع على سن جبل بين جبال، ثم حصنها الأرمن بأسوار قد احتفل بانيها بتشييدها غاية الاحتفال، ما رمقها طرف إلا بهت لعلوّها وسها، ولا تأملها متأمل إلا وطن شرفاتها الأنجم وقلتها السهى.
(١) هذا البيت للجم بن صعب - من شعراء الجاهلية -، وحذام التى يذكرها فى البيت هى امرأته - انظر شرح شذور الذهب ص ٩٥.