أكف عداه، وهو فتح قلعة الروم الذى بلغ كل من رمى من الأعداء بنصل النصر ما يروم، وفتح على التتار والأرمن أبوابا من البلاء، كان هذا لحصن على حافة الفرات قفلها المربح، وبطليعة كيدهم جواده الملجم المسرج، لأنه فى برّ الشام على جانب الفرات، والتتار المخذولون به حافون، وحوله صافون، ونافسهم عليها منا أشرف سلطان، جعل جبلها دكا، وحاصرها حصارا ألحقها بعكا، ونصبنا عليها عدة مناجيق تنقض حجارتها انقضاض النسور، وتقتنص الأرواح من الأجسام وإن ضرب بينها وبينهم سور، وتفترس أبراجها بصقور صخور افتراس الأسد الهصور، هذا والنقوب تسرى فى بدناتها سريان الخيال، وإن كانت جفونها المسهدة وعمدها الممدّدة، وحفظها المجندة، ورواسيها على جبل الفرات موطدة، وقد خندقوا عليها خندقا جرى فيه الفرات من جانب ونهر مرزبان من جانب، ووضعها واضعها على رأس جبل يزاحم الجوزاء بالمناكب، وصفح صرحها الممرد فكأنه عرش لها على الماء، وإذا رامها رائيها اشتبهت عليه بأنجم السماء، وما زالت المضايقة «تنقص من حبلها أطرافه، وتستدر بحيلها آخر الطرف وتقطع»(١)، بمسائل جلاد مقاودها وحلالها خلافه، ويورد عليها من سهامها كل إيراد لا تجاوب إلا بالتسليم، ويقضى عليها بكل حكم لا يقابل موته إلا بالتحكيم.
ولما أذن الله بالفتح الذى أغلق على الأرمن والتتار أبواب الصواب، والمنح الذى أضفى على أهل الإيمان من المجاهدين أبواب الثواب، فتحت هذه القلعة بقوة الله ونصره فى يوم السبت حادى عشر رجب الفرد.
(١) «» مكتوب بهامش المخطوط، ومنبه على موضعه بالمتن.