للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدد المسلمين كان قليلًا جدًا جدًا بالنسبة لجيش الروم .. أما من حيث الاستعداد فلا يمكن مقارنة جيش دولة الإسلام التي تبلغ الثامنة من عمرها بجيش إمبراطورية الروم ذات القرون .. والتي تسيح جيوشها بين قارتين .. وهنا ترد الإشكاليات العسكرية والسياسية التي تداعت على دولة الإسلام أثناء أزمة الخندق.

[ما هو القرار في مثل حال مؤتة]

جيش رومي أوله في أوروبا وآخره في مؤتة لم يتوقعه المسلمون أمام جيش مسلم لا أظن أن عدده يتجاوز الألفين .. وهو العدد الذي حضر الحديبية وخيبر بالإضافة إلى القادمين من الحبشة والمؤمنين الجدد .. مع ملاحظة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر وعثمان وعليًا وكثيرًا من كبار الصحابة رضي الله عنه لم يشاركوا .. إنها معركة أشبه بالأساطير لكن القرآن نزل ليطبقه البشر لا ليدهشهم فقط .. القرآن يتعامل مع مثل هذا الظرف بواقعية تناسب البشر وقدراتهم وعددهم والأدوات المتاحة بين أيديهم .. نزل قول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} (١).

و"لما نزلت هذه الآية ثقلت على المسلمين وأعظموا أن يقاتل عشرون مئتين ومئة ألفًا فخفف الله عنهم فنسخها بالآية الأخرى فقال: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (٢)


(١) الأنفال ٦٥.
(٢) الأنفال ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>