ثم استدعى حاطبًا لمساءلته عن هذا الخطأ الشنيع الذي لا يفعله إلا أعداء هذا النبي وأعداء هذا الدين.
[مساءلة حاطب]
حاطب بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - دون قيود دون ضرب أو إهانة أو سجن على ذمة التحقيق .. لكن عمر بن الخطاب كان متأهبًا بالسيف لفصل رأس حاطب عن جسده فهو في نظر عمر منافق مرتد .. لكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - قولًا آخر وحلمًا آخر .. خاطب صاحبه بكلمات قليلة "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا حاطب ما هذا؟ قال: يا رسول الله لا تعجل عليّ .. إني كنت امرأ ملصقًا في قريش .. كنت حليفًا ولم أكن من أنفسها .. وكان من معك من المهاجرين من لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم .. فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدًا يحمون قرابتي .. ولم أفعله ارتدادًا عن ديني ولا رضًا بالكفر بعد الإِسلام .. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما إنه قد صدقكم .. فقال عمر يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق .. فقال: إنه قد شهد بدرًا وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدرًا فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. فأنزل الله السورة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} "(١) ما قام به حاطب رضي الله عنه خطأ شنيع لكنه لم يكن مقرونًا بنية فاسدة تحمله معها إلى حيث مراتع الردة وسيف عمر .. كان الدافع خوفًا على الأهل .. كان تصرفًا تمليه حالة ضعف بشرية يمر بها