المنافقون هم علمانيو ذلك الزمان لا يريدون للدين أي تأثير على حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى العسكرية .. ورسالتهم محصورة في محاربة النجاح والدهشة بما عند الأعداء .. وحساباتهم للأمور تنطلق من الخواء الذي يملؤهم ويعيشون فيه .. والاستهزاء بالآخرين وإطلاق الكلمات الساخرة على الناجحين هو أسلوبهم .. ولن يجدوا كغزوة تبوك أنسب لهذه السخرية .. فكيف يجابه هؤلاء المسلمون ونبيهم جحافل أقوى دولة في الدنيا بجيش يجمع التبرعات ويحتاج إلى نصف صاع وحبات تمر .. هذه هي حسابات المنافقين وهي حسابات تفتقد إلى الإيمان بالله وتفتقد كذلك إلى الثقة بالنفس وقدراتها .. لذلك بدأ:
[بعض المنافقين يعتذر عن المشاركة في غزوة تبوك]
رغم توفر المال والراحلة والصحة لديهم لكنهم أحسوا بالموت يربض على أرضها ويحدق بالقادمين إليها وقد ذكر الله اعتذارهم فقال سبحانه:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ}(١).
وإذا كان المنافقون يبخلون بأموالهم وأنفسهم عن صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن هناك رجالًا يتحرقون للخروج معه عليه السلام .. رغم أنهم لا يملكون ولا يملك ما يحملهم عليه .. فكانت لحظات الوداع لحظات من الدموع فـ:
[عند الوداع بكى الرجال]
فبعد أن رجوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحملهم اعتذر من لهفهم وقال لهم: