يزرع المدينة .. شوارعها ومجالسها .. بلسانه المتعفّن .. حوله الحقد إلى رجل بلا قيم .. بلا أخلاق .. رجل لا يحترم مكانته بين قومه .. رجل فقد عقله فأصبح كالأبله لا همّ له ولا شأن سوى عائشة الصغيرة .. يتشفّى بذكرها واتّهامها .. بعد أن فقد الأمل في الحصول على زعامة أو حتى مكانة محترمة في المدينة .. بعد أن أحرقته عيون أهلها باحتقار شأنه .. والتقزّز منه ومن مجالسه وجلسائه .. الذين هم خليط من عفن الشرك واليهود والخونة .. هذا هو ابن سلول وهذه هي عقيلته الصغيرة .. فهو الذي تولّى كبر الإثم ومعظمه .. لكن:
[متى علمت عانشة بالإفك]
تقول رضي الله عنها:
(كان الذي تولّى كبره عبد الله بن أبي بن سلول، فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمنا المدينة شهرًا، "اشتكيت شكوى شديدة، لا يبلغني شيء من ذلك، وقد انتهى الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإلى أبوي، ولا يذكران لي من ذلك قليلًا ولا كثيرًا" والناس يفيضون في قول أهل الإفك، ولا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكى، إنما يدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيسلم، ثم يقول: كيف تيكم؟ فذاك يريبني، ولا أشعر بالشر "كنت إذا اشتكيت رحمني ولطف بي، فلم يفعل ذلك في شكواي تلك، فأنكرت منه، وكان إذا دخل علىّ وأمي تمرضني قال: كيف تيكم؟ لا يزيد على ذلك، حتى وجدت نفسي مما رأيت من جفائه عني، فقلت له: يا رسول الله .. لو أذنت لي فانتقلت إلى أمي فمرضتني؟ قال: لا عليك.
فانتقلت إلى أمي ولا أعلم بشيء مما كان"، حتى خرجت بعدما