للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخيرًا استقر محمَّد اليتيم في أحضان (حليمة السعدية) .. شغفها حبًا وحملته على راحلتها ليسترضع في مضارب (بني سعد بن بكر) (١) قوم حليمة وأهلها .. وفي تلك المضارب بدأ محمَّد الصغير بالحبو .. ثم الوقوف على قدميه الصغيرتين .. وبدأ يلثغ ببعض الحروف والكلمات .. ويتعثر في بعضها بطريقة محبوبة .. ثم صار يمشي ويتحدث ويرعى الغنم .. كان طفلًا طاهرًا كأنفاس الصباح .. كحبات المطر .. اعتاد الخروج مع أخيه يسوقان الغنمات ويمرحان ويلعبان .. وعندما يقرصهما الجوع يُخرجان ما أعدته أمهما حليمة من زاد ليأكلانه فيسكن ما بهما من جوع .. كانت أيامًا تشع بالبراءة والجمال والبهجة .. لم يعكر صفوها سوى صراخ أخيه الصغير ذات صباح قائلًا:

إن محمدًا قد قُتِل

فما الذي حدث .. ولماذا يقتل طفل .. من الذي يستطيع اغتيال تلك البراءة في مرعى الغنم الأخضر؟

ما حدث هو أن الصباح أيقظ الطفلين .. فخرجا من الخباء خلف أغنامهما .. ولم يذكرا أنهما بلا زاد إلا عند وصولهما إلى المرعى .. وهناك التفت محمَّد الصغير - صلى الله عليه وسلم - إلى أخيه فقال لأخيه: (يا أخي اذهب فأتنا بزاد من عند أمنا، فانطلق أخي ومكثت عند البهم) (٢).


(١) حديث صحيح. رواه ابن إسحاق (ابن كثير ١/ ٢٢٨).
(٢) حديثٌ حسنٌ بالشواهد وإسناده فيه ضعف لجهالة: عبد الرحمن السلمي، وقد رواه أحمد وأبو نعيم. انظر (سيرة ابن كثير ١/ ٢٢٩) والحديث يشهد له ما بعده. وفيه أي حديث أحمد وأبي نعيم بعض الألفاظ الضعيفة التي تخالف الصحيح، لكنه بعمومه يشهد له ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>