للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[معركة ثانية على أرض بدر]

فقد اغترّ أبو سفيان -قائد قريش- بما حدث في أُحُد .. فصاح بالنبي - صلى الله عليه وسلم - متحديًا: (موعدك موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا) (١)، كان أبو سفيان ومن معه يريدون أن يملأوا آبار بدر بأجساد المؤمنين مثلما حشر المؤمنون جثث طواغيت قريش في تلك البئر المنتنة على أرض بدر .. حلم لقريش .. فهل يتحقّق ..

كان أبو سفيان يريد استغلال مناسبة إقامة موسم بدر .. وهو موسم للعرب يجتمعون فيه تجارةً وأدبًا وشعرًا .. لكن أبا سفيان أراد أن يجعل للحرب نصيبًا في هذا الموسم .. حرب تستعيد بها قريش بعض ما تناثر من هيبتها .. حرب يشهدها العرب جميعًا .. فليكن لأبي سفيان ما يريد .. ها هو - صلى الله عليه وسلم - عندما اقترب موعد إقامة سوق بدر يستعدّ للسفر .. لا للحرب فقط .. بل للحرب والتجارة .. متجاهلًا كل صيحات المخذلين والجبناء في المدينة الذين يقولون للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه: (إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم). فقد ردّ - صلى الله عليه وسلم - على أولئك المخذلين والجبناء بعزم شاركه به أصحابه رضي الله عنهم فقالوا: (حسبنا الله ونعم الوكيل) .. فامتدح الله هذا الإيمان المتجذّر وهذه الثقة الراسخة بالله .. فقال سبحانه: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (٢)، فـ (قد كان أبو سفيان قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: موعدك موسم بدر، حيث قتلتم أصحابنا.


(١) حديث صحيح مر معنا عند الحديث عن غزوة حمراء الأسد.
(٢) سورة آل عمران: الآية (١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>