وكان هذا الملك كغيره من البشر له عقل وروح وهما بحاجة إلى من يأخذهما إلى حيث أجواء الإسلام الرحبة .. لأن في إطلاقهما إطلاقًا للشعوب والأتباع .. لقد قرر - صلى الله عليه وسلم - مكاتبته ودعوته للإسلام هو وغيره من الملوك والأكاسرة فالإسلام لا يعرف الطبقات في نظرته للبشر ولا يعرف الألوان ولا الأحساب ولا الأنساب .. هو رسالة توحيد من الخالق إلى المخلوق .. ويجب على من يحملون هموم الرسالة تسليمها إلى أهلها .. إلى كل البشر دون استثناء أو تمييز .. وإذا كان الإسلام يمنح الضعفاء والمستضعفين أهمية قصوى فإنه يوظف الأقوياء لنشر الحق والعدل على وجه الأرض. ويسير معهم في ذلك إلى أقصاه .. وليس هناك أنسب من هذه الأيام التي أعقبت فتح خيبر .. فهي أيام سلام غل فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - قريشًا عن الاعتداء والحرب .. وتمكن من السيطرة على اليهود واستطاع تحجيم خيانتهم داخل دوائر ضيقة يمكن مراقبتها .. وهؤلاء في نظر الإِسلام عصابات مزعجة وحفر في طريق دعوة تنظر إلى أبعد من قريش واليهود .. دعوة عالمية تنظر إلى الأرض دون حدود وإلى ما هو أبعد من الأرض .. أما الأقوياء الذين يسعى - صلى الله عليه وسلم - لاستثمار سطوتهم وسلطتهم فهم قادة الدول الكبرى المحيطة بالجزيرة العربية والذين تتوزعهم ديانات واتجاهات مختلفة .. لذلك قرر:
[مراسلة الملوك والجبابرة]
ومن المؤكد أن ردود الفعل تجاه تلك الرسائل ستكون متباينة .. كما أن من غير المستساغ لدى هؤلاء الجبابرة أن يروا عربيًا كان يرعى الغنم في الصحاري وبين الجبال يقتحم عليهم ما هم فيه من أبهة وعظمة .. مطالبًا إياهم باتباعه وترك ما ألفوه وورثوه هم وشعوبهم .. الأمر حقًا