للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأبو أيوب يكرهها كذلك، لقد قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- (فإني أكره ما تكره) (١) .. ومع ذلك لم تسكن نفس أبي أيوب، لم يجد للراحة مكانًا .. لم يجد للراحة طعمًا رغم شدة فرحه برسول الله -صلى الله عليه وسلم- داخل بيته .. لماذا؟ .. لماذا؟

أبو أيوب مُحرج

لو رأيته وهو يسير في منزله لأشفقت عليه .. فهو لا يتحرك إلا في مساحة ضيقة من بيته .. كأن الجن والأشباح تنزل في البقية الباقية .. لقد حدد له زاوية من المنزل يتحرك فيها وينتقل وينام .. أما البقية الباقية فلا .. ذلك لأن الإِسلام صنع منه قلبًا وحسًا مرهفًا .. فهو لا يريد أن يمشي فوق رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم- .. فقد (انتبه أبو أيوب فقال: نمشي فوق رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-!!

فتنحوا فباتوا في جانب، ثم قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- يعني في ذلك فقال -صلى الله عليه وسلم-: "السفل أرفق بنا" .. فقال أبو أيوب: لا أعلو سقيفة أنت تحتها، فتحول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العلو، وأبو أيوب في السفل) (٢) .. لن تستغرب الدنيا ما قام به أبو أيوب رضى الله عنه فهو وابن سحابة هتون تحوم في سماء الإيثار والكرم .. ابن سحابة اسمها الأنصار .. الأنصار الذين {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (٣) .. هذه شهادة الله لهم تتنزل عليهم من فوق العرش تعبر السماوات سماءً سماءً يتغنّى بها الأنصار .. يتغنى بها بنو النجار أخوال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو أيوب من الأنصار .. وأبو أيوب من بني النجار ولإن


(١) حديث صحيح. رواه مسلم والبيهقيُّ (٢/ ٥٠٩)
(٢) حديث صحيح. رواه مسلم والبيهقيُّ (٢/ ٥٠٩).
(٣) سورة الحشر: الآية ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>