فقال:"مروا على فلان الغطفاني فـ" نحر لهم فلان جزورًا "فلما أخذوا يكشطون جلدها" فلما كشفوا جلدها رأوا غبارًا، فقالوا: أتاكم القوم، فخرجوا هاربين.
فلما أصبحنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة. ثم أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهمين: سهم الفارس، وسهم الراجل، فجمعها لي جميعًا، ثم أردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وراءه على العضباء، راجعين إلى المدينة) (١).
كان سلمة أسطورة من الشجاعة والإقدام .. كان جسدًا مفتولًا لله .. يعرق في دروب الشهادة وينزف .. كان قلبًا ينبض بالفداء والجسارة .. فلا عجيب أن بايعه النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات .. ولا عجيب أن بايعه على الموت .. تمتع سلمة بمرادفة النبي - صلى الله عليه وسلم - على العضباء .. تمتع بلمس جسده الكريم .. وفي ساعات الجد تلك كان لسلمة رغبة في اللهو والتحدي .. في طريق المدينة وأمام عينيه - صلى الله عليه وسلم - وبين يديه مارس سلمة ورجل من الأنصار لهوًا وتحديًا ومرحًا.
سلمة يسابق رجلًا من الأنصار يتحدى الجميع
يواصل سلمة رضي الله عنه بقية حديثه فيقول:
(ثم أردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة، "فلما كان بيننا وبينها قريب من ضمرة" فبينما نحن نسير، وكان رجل من الأنصار لا يسبق شدًا، فجعل يقول:
(١) حديث صحيح رواه مسلم - الجهاد (١٨٠٧) والزوائد للبيهقي (٤/ ١٨٢) وهي صحيحة .. وقد رواه البيهقي من طريقين عن هاشم بن القاسم وهو أحد رواة مسلم لهذا الحديث به.