وقد شارك في هذه الغزوة سلمة بن الأكوع فارس تلك الغزوة السابقة المسماة (ذات قرد أو الغابة) .. وهو فارس بمقاييس جيش .. وهو الآن يتحدث عن تأديب قطاع الطرق للمرة الثانية بعد أن أدب طلائعهم في الغابة .. يقول رضي الله عنه:"غزونا فزارة وعلينا أبو بكر أَمَّرَهُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علينا فلما كان بيننا وبين الماء ساعة أمرنا أبو بكر فعرسنا ثم شن الغارة فورد الماء فقتل من قتل عليه وسبى وأنظر إلى عنق من الناس فيهم الذراري فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل فرميت بسهم بينهم وبين الجبل فلما رأوا السهم وقفوا فجئت بهم أسوقهم وفيهم امرأة من بنى فزارة عليها قشع من أدم -القشع النطع- معها ابنة لها من أحسن العرب فسقتهم حتى أتيت أبا بكر فنفلني أبو بكر ابنتها فقدمنا المدينة وما كشفت لها ثوبًا فلقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السوق فقال يا سلمة هب لى المرأة فقلت يا رسول الله والله لقد أعجبتنى وما كشفت لها ثوبًا ثم لقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغد في السوق فقال لي يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك فقلت هي لك يا رسول الله فوالله ما كشفت لها ثوبًا فبعث بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل مكة ففدى بها ناسًا من المسلمين كانوا أسروا بمكة"(١) وهو لا يعني بكلمة أسروا أن أسرهم كان عن طريق الحرب .. إنما يقصد أولئك المسلمين المستضعفين الذين منعوا قهرًا من الهجرة إلى نبيهم - صلى الله عليه وسلم - .. وقد استحقت فزارة ما أصابها من جيش أبي بكر فقد شاركوا قريشًا في معركة الخندق كجزء من غطفان .. ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بالإغارة على المدينة وسرقوا وقتلوا .. وهذا النوع من الإرهاب وقطع الطريق