للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاعتدلت ونظرت فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - مغشى عليه والعرق يتحدّر من جبينه الشريف .. وهو يعاني ثقلًا وشدّة من نزول الوحي عليه .. بـ:

[براءة عائشة رضي الله عنها]

تقول أم المؤمنين بعد أن لهجت بدعائها: (فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون ..

ثم تحولت، فاضطجعت على فراشي، وأنا والله يعلم أني بريئة، وأن الله مبرّئي ببراءتي. ولكن -والله- ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى، ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلّم الله عَزَّ وَجَلَّ فيّ بأمر يتلى، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النوم رؤيا يبرئني الله بها. فوالله ما رام (١) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجلسه، ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله عَزَّ وَجَلَّ على نبيّه - صلى الله عليه وسلم -، فأخذه (٢) ما كان يأخذه من البرحاء (٣) عند الوحي، حتى إنه كان ليتحدّر منه مثل الجمان (٤) من العرق في اليوم الشات (٥)، من ثقل القول الذي أنزله عليه، "وأنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ساعته، فسكتنا، فرفع عنه وإني لأتبيّن السرور في وجهه وهو يمسح جبينه" فلما سرّي (٦) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -هو يضحك- فكان أوّل كلمة تكلّم بها أن قال: أبشري يا عائشة، أما الله فقد برّأك "أنزل الله براءتك"، فقالت لي أمي: قومي إليه. فقلت: والله .. لا أقوم إليه، ولا


(١) أي: ما فارق.
(٢) جاءه أصابه.
(٣) الحمى الشديدة إلى تسيل العرق.
(٤) مثل حبات اللؤلؤ.
(٥) أي أن ذلك يسيل منه حتى في أيام الشتاء الباردة.
(٦) انتهى ما به من معاناة نزول الوحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>