للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكره أن ينجو من سيف علي .. فدخول عقبة في دار الإيمان يكفل حمايته من السيف .. ومن سيوف المؤمنين جميعًا .. ها هو أحد فرسان بدر .. المقداد بن عمرو .. يبعث برسالة إلى العالم .. من أقصاه إلى أقصاه .. من خلال حوار متحضر جدًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. قال المقداد لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: (يا رسول الله .. أرأيت إن لقيت رجلًا من الكفار فاقتتلنا، فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة فقال: أسلمت لله.

أقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تقتله. فقال: يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد ما قطعها؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال) (١).

هذا هو الإِسلام .. وهذا هو خطابه لأتباعه والعالم: لا شأن لكم بالنوايا .. لا شأن لكم .. ولا يعرف ما في القلوب إلا من خلقها ..

وقد رفض عقبة هذا الخطاب الجميل .. فغادر إلى الجحيم غير مأسوف عليه ..

[بقية الأسري في نعيم]

بقية الأسرى لم يسحبوا إلى قليب .. ولم يُقتادوا إلى معسكرات تجويع وتعذيب .. ولم يؤمروا بالقيام بأعمال شاقة .. فمنذ أغمد الصحابة سيوفهم تحولت الساحة من أنهار دم إلى واحات سلام .. شرب فيها الأسرى وأكلوا وناموا أكثر من الصحابة وأكثر من نبيهم عليه الصلاة


(١) حديث صحيح رواه البخاري (٤٠١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>