وخلال تلك الأيام لم تنقطع الوفود عن القدوم إلى المدينة لمبايعة النبي - صلى الله عليه وسلم - .. كانوا يتدفقون موجات من الحب والشوق نحو المدينة .. فهذا وفد لم يمنعه الفقر والعوز من الرحيل إلى المدينة:
[وفد مزينة]
يقول أحدهم وهو النعمان بن مقرن رضي الله عنه "قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أربعمائة من مزينة فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأمره فقال بعض القوم يا رسول الله ما لنا طعام نتزوده فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر: زودهم فقال ما عندي إلا فاضلة من تمر وما أراها تغني عنهم شيئًا فقال انطلق فزودهم فانطلق بنا إلى علية له فإذا فيها تمر مثل البكر الأورق فقال خذوا فأخذ القوم حاجتهم .. وكنت أنا في آخر القوم فالتفت وما أفقد موضع تمرة وقد احتمل منه أربعمائة رجل"(١) ثم عادوا إلى بلادهم مزودين بالتمر والإيمان .. وجاء:
[وفد بني أسد]
وتميز هذا الوفد بلغة بليغة لكنهم أفسدوها ببعض الفخر والمنة في وقت لا مكان فيه للفخر ولا للمنة .. لا سيما وهم قد قدموا لتقديم الولاء والبيعة والطاعة .. "ابن عباس قال: قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفد بني أسد فتكلموا فأبانوا فقالوا: يا رسول الله قاتلتك مضر كلها ولم نقاتلك ..
(١) سنده صحيح رواه أحمد ٥ - ٤٤٥ ثنا عبد الصمد ثنا حرب يعني ابن شداد ثنا حصين عن سالم بن أبي الجعد عن النعمان بن مقرن وسالم تابعي ثقة يرسل كثيرًا لكنه سمع من النعمان هذا الحديث كما في التدوين في أخبار قزوين ١ - ٨٢ وحصين السلمى تابعي صغير وثقة من رجال الشيخين التقريب ١ - ١٨٢ وتلميذه حرب ثقة أيضًا وكذلك عبد الصم بن عبد الوارث.