توقف -صلى الله عليه وسلم- للاستراحة فالسفر شاق وطويل .. والليل يخيم بهدوء على تلك الأرض .. والصحابة ينسابون فى عالم النوم بعد أن فرغوا من مناجاة خالق الكون في صلاة خاشعة .. وفجأة تطاير النوم عنهم من هنا وهناك .. فقد تساقطت قطرات المطر عليهم فأيقظتهم .. وأفرحتهم فهم بحاجة إلى الماء كحاجتهم إلى النوم .. لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحس بحاجة أصحابه إلى ما هو أهم من الاثنين .. لقد أحب أن يتمتعوا بالمطر والتوحيد معًا .. لذلك فقد تحدث إليهم بعد أن أدوا صلاة الفجر .. تحدث إليهم عن المطر بلغة كالمطر ..
يقول زيد بن خالد الجهني وهو أحد الصحابة الذين أصابهم ذلك المطر:(خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الحديبية، فأصابنا مطر ذات ليلة، فصلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: أتدرون ماذا قال ربكم؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فقال: قال الله: أصبح من عبادي مؤمن بي، وكافر بي:
فأما من قال: مطرنا برحمة الله وبرزق الله وبفضل الله فهو مؤمن بي وأما من قال: مطرنا بنجم كذا فهو مؤمن بالكواكب كافر بي) (١) إن الكواكب لا تضر ولا تنفع .. والتعلق بها شرك .. إنها خلق من خلق الله .. وقد سخر الله هذه النجوم ليستغلها الإنسان ويستفيد منها .. ليكتشفها ويتفكر في خلقها .. أما المشركون المتخلفون فقد أهانوا عقل الإنسان وانحطوا به إلى مستوى يخضع فيه العقل لجلاميد الصخور ورماد اللهب .. لقد نزل القرآن ليحرر هذا العقل المكبل بالخرافة والخوف .. ليطلقه في الكون .. نزل القرآن يقدم النجوم والشمس والقمر والبحار وكل ما في