فهي الكمال وهي النموذج والناس تتأرجح صعودًا ونزولًا حولها .. وبينما كان ابن عمر مأخوذًا بتطبيق سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - كان المسجد يغص بالمؤمنين المزينين بنصر الله وفتح مكة وبالمشركين اللائذين ببيت الله من الموت .. وكان هؤلاء المشركون على أحر من الجمر ينتظرون
[بيان النصر الأول]
فقد تناثرت الأصنام وسيطر الجيش المؤمن على كل شيء فما هي لغة هؤلاء المنتصرين الجديدة وما هو مصير هؤلاء الخائفين داخل الحرم وخارجه .. أسئلة أجاب عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد خروجه من الكعبة مباشرة وسمعها أبو هريرة بذاكرة لا تعرف الصدأ .. يقول - رضي الله عنه -:
"حتى إذا فرغ وصلى جاء فأخذ بعضادتي الباب ثم قال يا معشر قريش ما تقولون قالوا نقول ابن أخ وابن عم رحيم كريم .. ثم عاد عليهم القول .. قالوا مثل ذلك "قال: يا معشر قريش ما تقولون؟ قالوا: نقول ابن أخ وابن عم رحيم كريم .. ثم قال: يا معشر قريش .. ما تقولون؟ قالوا نقول: ابن أخ وابن عم رحيم كريم"
قال: فإني أقول كما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم .. اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين فخرجوا [كأنما نشروا من القبور فدخلوا في الإسلام] " (١)
إذا كان لعظمة محمَّد مقاييس فتلك هي مقاييسها .. لا انتقام للذات ولا للأهل والعشيرة .. لم يأخذ سبايا ولا أموالًا .. ترك كل شيء لله فمن
(١) حديث صحيح مر معنا رواه النسائي في الكبرى ٦ - ٣٨٢ والزيادة للبيهقي في الكبرى ٩ - ١١٨ من طريق سلام بن مسكين ثنا ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي هريرة وسلام ثقة. التقريب ١ - ٣٤٢ وكذلك شيخه وشيخ شيخه التابعى ابن رباح.