للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت، لا يرقأ لي دمع (١)، ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكي) (٢).

أفاقت عائشة من مرضها على مرض أشدّ .. أفاقت رضي الله عنها والعالم ينهار على رأسها .. بكت بكاءً مرًا حتى أحرق البكاء كبدها .. أما النبي الحزين الحائر - صلى الله عليه وسلم - فالوحي لم ينزل عليه حتى الآن .. والإشاعات تحاصره وتخنق أنفاس حبيبته .. اجتهد - صلى الله عليه وسلم - اجتهاد البشر .. فاستدعى عليًا وابنه أسامة بن زيد بن محمَّد .. فقد ضاق به الحال وتأذى كثيرًا وهو يسمع المنافقين يلوكون عرضه الطاهر ليل نهار .. فهل هناك نهاية لهذا الأمر .. إلى أين يأخذه الحزن .. إلى أين تأخذه قدماه الشريفتان .. ؟

توجّه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أحد أبياته .. إلى بيت زينب بنت جحش رضي الله عنها بالتحديد .. ليسألها عن عائشة .. فهي التي تنافسها من بين زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - .. فلعلّها تقول شيئًا يزيل حيرته - صلى الله عليه وسلم - .. ثم إن أخت زينت "حمنة" كانت من الذين قذفوا عائشة الطاهرة بالزنا ..

[النبي (صلى الله عليه وسلم) يسأل زينب]

وزينب كالمطر .. ستقول الحقيقة .. ولن تأبه بحمية أختها لها .. وغيرتها من عائشة ..

تقول عائشة: إن (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل زينب بنت جحش- زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أمري: ما علمت أو ما رأيت؟


(١) أي أن دمها لم يتوقف تلك الليلة ولم يغش النوم عينها.
(٢) حديث صحيح رواه مسلم (٢٧٧٠) والزوائد بين الأقواس الصغيرة عند ابن إسحاق .. وما بين المعقوفين عند البخاري (٤١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>