للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصفة .. إلى باب المسجد .. إلى باب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبحثون عن لقمة .. عن نصف لقمة عن أي شئ يسد جوعهم فلا يجدون سوى الجوع طعامًا وشرابًا .. ويخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من بيته فتتعلق أعينهم به ويحدقون بيديه فيجدونها خالية كبطونهم .. فيدركون أنه ما من طعام .. يقول أحدهم: (والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع) (١) مثل هذا كيف سيصلى وقد حان وقت الصلاة؟!

ها هو -صلى الله عليه وسلم- يدخل المسجد فتقام الصلاة .. ويقوم أهل الصفة خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للصلاة وهم يترنحون من الهزال والجوع .. ويصطفون بين إخوانهم المصلين .. ويكبر -صلى الله عليه وسلم- فيكبرون .. وفي لحظات الخشوع الهادئة مع الله يسمع المصلون دويًا وارتطامًا بين الصفوف .. ويسمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خلفه حركةً وأنينًا .. وتخفق القلوب القريبة من الحدث .. ويتألم الجميع بعد انقضاء الصلاة فماذا حدث ..

هذا هو فضالة بن عبيد الأنصاري .. أحد الصحابة رضي الله عنهم كان يصلي خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. سألناه:

[ماذا حدث يا فضالة]

فيجيب فضالة وهو عالم من الشعور والألم فيقول:

(كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى بالناس يخر رجال من قامتهم لما بهم من الخصاصية (٢) وهم أصحاب الصفة حتى يقول الأعراب: إن هؤلاء مجانين .. فإذا قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاته انصرف إليهم فيقول:


(١) حديث صحيح. رواه البخاري (٦٤٥٢).
(٢) الجوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>