للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مولد أول الطوائف المتطرفة]

وهي طائفة الخوارج الذين غرتهم كثرة عبادتهم فتوجهوا نحو عيوب الناس وتناسوا عيوبهم فجرهم ذلك إلى قذف التهم يمينًا وشمالًا .. وتطاولوا فتسوروا القلوب واقتحموا النوايا ورسموها لا كما هي بل كما يريدون وكما تشكلت في مخيلتهم المريضة .. والنوايا حصون منيعة لم يجرؤ النبي - صلى الله عليه وسلم - على اقتحامها يومًا إلا بوحي يحمله جبريل .. أما هؤلاء الخوارج فتطوعوا لاقتحام واكتشاف ما عجز عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - .. بل تجرأ أحدهم اليوم على تصحيح الوحي ذاته ونقد النبوة .. يقول أبو سعيد رضي الله عنه: "بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقسم قسمًا أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال:

يا رسول الله اعدل

فقال: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه .. فقال: دعه فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم .. يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء .. ثم ينظر إلى رصافه فما يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نضيه وهو قدحه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء .. قد سبق الفرث والدم آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر ويخرجون على حين فرقة من الناس.

قال أبو سعيد فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (١)


(١) صحيح البخاري ٣ - ١٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>