للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول جابر رضي الله عنه: (كنا أربع عشرة مائة فبايعناه، وعمر آخذ بيده تحت الشجرة، وهي سمرة، فبايعناه غير جد بن قيس الأنصاري اختبأ تحت بطن بعيره) (١) ولا أدري ما سبب اختبائه .. لكنه خسر خسارة عظيمة .. وتخلف عن رضوان يظله طوال حياته .. ربما كان الخوف والجبن سببًا لتخاذله ذلك .. وربما كان السبب أمرًا أخطر .. لكنه خسر لا شك .. لا سيما والخطر الداهم قد أطبق من كل اتجاه على المؤمنين .. فقد خرجت قريش ومن معها نحو الحديبية لإيقاف النبي - صلى الله عليه وسلم - أو حربه إن استدعى الأمر .. وجد بن قيس قد خسر في الحالتين .. فالصحابة لن يفروا مهما كان الثمن .. وقد تأهبوا للأعداء.

[قريش تحاصر الحديبية]

بعد انتهاء المؤمنين من البيعة امتلأت جوانب الحديبية بجيش الشرك .. فاستعد المؤمنون لهم .. واستعدوا للشهادة .. أما النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان بينهم يتجول .. يتفقد وينظم .. ويصلح من أحوالهم .. ها هو يحذرهم.

فيقول: "لا توقدوا نارًا بليل" (٢).

ويواصل - صلى الله عليه وسلم - تفقده لأصحابه .. فيمر على رجل يوقد النار نهارًا تحت قدر لأصحابه .. لكن منظر شعره ولحيته لا يسر .. اسمه كعب بن عجرة و (النبي - صلى الله عليه وسلم - مر وهو بالحديبية قبل أن يدخل مكة وهو محرم، وهو يوقد تحت قدر، والقمل يتهافت على وجهه فقال:


(١) حديث صحيح رواه مسلم - الإمارة.
(٢) سنده قوي رواه الأئمة أحمد (٢٦١٣) والنسائيُّ في الكبرى (٣/ ٢٦) والحاكم (٣/ ٣٨) وابن أبي شيبة -إطفاء النار- كلهم من طريق محمد بن أبي يحيى الأسلمى عن أبيه عن أبي سعيد. ومحمَّد وأبوه صدوقان - التقريب (٢/ ٢١٨) (١/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>