للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دعوني أحدّثكم عن الحب

دعوني أحدثكم عن رجك كان يدخل البهجة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. كان يضحكه .. أُتي به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو سكران .. شرب الخمرة بعد أن لعن شاربها .. وعاصرها .. وحاملها .. والمحمولة إليه .. وبائعها .. ومشتريها .. وآكل ثمنها .. ومعتصرها .. وساقيها .. ولعنت هي قبل ذلك ..

أُتي بذلك الرجل لمدعو "عبد الله" فجلده الصحابة .. ثم أتي به فجلد .. لكن ما علاقة ذلك بالحب .. ؟

يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إن رجلًا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان اسمه: عبد الله، وكان يلقب حمارًا، وكان يضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جلده في الشراب، فأُتي به يومًا، فأمر به فجلد، قال رجل من القوم:

اللهمّ العنه، ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:

لا تلعنوه، فوالله ما علمته إلَّا يحب الله ورسوله) (١)، فحبّه لله ورسوله حماه من اللعن .. وليس إقامة الحد عليه .. هذا ما صرّح به النبي - صلى الله عليه وسلم - .. الخمرة تغلي في بطنه ورأسه ومع ذلك يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فوالله ما علمته إلَّا يحب الله ورسوله ..) لكن هواه غلبه فهوى .. والإِسلام لا يلغي نقاط الضعف لدى الإنسان ولا يتجاهلها .. لكنه لا يبالغ في وصفها ووصف المعاناة منها .. الإِسلام يقف أمامها ريثما يرفع ذلك المنحدر عنها .. ريثما يضمد جراحه وعواطفه من سنانها .. ثم ينفث فيه من جديد حب الانطلاق والتجديد والتشييد .. لقد كان ذلك الصحابي يمازح النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) حديث صحيح رواه البخاري (٦٧٨٠) وابن حزم (١٣/ ٤١٧) واللفظ له، لفظ البخاري: فوالله ما علمت أنه يحب الله ورسوله. والمعنى واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>