للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (١).

وانحدرت قريش من ذلك الجبل تلهث وتلهث .. وتتصبب عرقًا وهزيمة .. تدحرجت أمامها كبرياؤها وغطرستها .. وأعلنت لمن حولها عن هزيمة قاسية تلقتها من محمد - صلى الله عليه وسلم - .. وأعلنت عجزها وضعفها .. وحاولت الاستنجاد وطلب العون من أي شخص كان ليقبض على محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو:

مطلوب حيًا أو ميتًا

وقد فتحت قريش صناديق الحلال والحرام .. وعرضت الهدايا والهبات أمام الجميع .. تقدمها لمن يحضر رسول الله حيًا .. أو يسحبه ميتًا .. أو يحمل رأسه ورأس صاحبه إلى قريش .. أحد الذين سمعوا بالجائزة .. أحد الذين فركوا أيديهم طمعًا فيها رجل اسمه: سراقة بن مالك .. يحدثنا فيقول: (جاءنا رسول كفار قريش يجعلون في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر دية، كل واحد منهما، من قتله أو أسره) (٢).

إذًا فقريش قد استنفرت رجالاتها وأموالها وتوجهت إلى كل العرب ضد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تستحثهم وتغريهم .. لكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-كان أذكى من الجميع وقد أعد خطة محكمة لتذهب ضربات قريش في الهواء .. خطة تجعلها لا تجني من ركضها سوى الغبار والعرق .. أما تنفيذ هذه الخطة فقد بدأ حالما انحدرت قريش من جبل ثور .. فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينحدر بعدها لقد قرر أن يمكث هو وأبو بكر في الغار ثلاثة أيام .. هذه الأيام الثلاثة


(١) سورة التوبة: الآية ٤٠.
(٢) جزء من حديث صحيح طويل سيمر معنا. رواه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>