ماذا قال لكم يا أبا أسيد الساعدي فقد كنت بين الصفوف .. ؟ يقول أبو أسيد: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين اصطففنا يوم بدرٍ: إذا أكثبوكم يعني إذا غشوكم فارموهم بالنبل واستبقوا نبلكم) (١).
يكاد الصبر يفتك بالصف المؤمن .. وكان الصف كالبنيان المرصوص .. إلا لبنة قويةً كانت تتململ .. إنه عبد الرحمن بن عوف فماذا جرى له .. ولماذا يشعر بالإحراج وكأنه يريد أن يغير مكانه ..
عبد الرحمن ابن عوف يتمنى مكانًا آخر
أيتمنى ابن عوف أنه كان في بيته حتى لا يقاتل عشيرته وأبناء عمومته .. أم هو خائف .. ؟
الأمر ليس كذلك فليست هذه طباع عبد الرحمن بن عوف .. لكن القدر ساقه ليكون بين غلامين صغيرين في الصف .. كان ينظر يمينًا فيرى غلامًا وينظر عن يساره فيرى مثل ذلك .. ماذا سيفعل ابن عوف؟ لم يمهله الغلامان لقد بادراه بالهمس .. كان همسًا غريبًا .. كان كل واحد منهما لا يريد أن يُسمع صاحبه ما يقول .. ما هي قصة هذين الغلامين .. سألنا عبد الرحمن بن عوف عما جرى له مع هذين الغلامين فقال:
(إني لواقف يوم بدر في الصف، فنظرت عن يميى وشمالي، فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، فتمنيت أن أكون بين أظلع منهما، فغمزني أحدهما [سرًا من صاحبه] فقال: يا عم أتعرف أبا جهل؟ فقلت: نعم، وما حاجتك إليه؟ قال: أخبرت أنه يسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، [عاهدت الله إن رأيته أن أقتله أو أموت دونه] والذي نفسي بيده لئن رأيته لا
(١) حديث صحيح. رواه البخاري وأبو داود والبيهقيُّ (٣/ ٧٠).