للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي تمر بمحاذاة الساحل .. في غزوة يحلو للبعض تسميتها:

[غزوة سيف البحر]

كان قائد هذا الجيش هو أمين الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح .. وكان ضمن ذلك الجيش كبار الصحابة منهم سعد بن عبادة .. وجابر بن عبد الله الذي يقص علينا بعض أحداث تلك الغزوة فيقول:

(بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثا قبل الساحل وأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح وهم ثلاثمائة فخرجنا وكنا ببعض الطريق فني الزاد .. فأمر أبو عبيدة بأزواد الجيش .. فجمع فكان مزودي تمر فكان يقوتنا كل يوم قليلا قليلا حتى فني فلم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة .. فقلت: ما تغني عنكم تمرة) (١) تمرة في اليوم الواحد مما اضطر ذلك الجيش إلى أكل نبات الخبط وهو علف للحيوانات .. ولذلك سمي ذلك الجيش فيما بعد: (جيش الخبط) .. يقول جابر رضي الله عنه لمن سأله عن تلك السرية: (بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمَّر علينا أبا عبيدة نتلقى عيرًا لقريش .. وزودنا جرابا من تمر لم يجد لنا غيره .. فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة .. فقلت: كيف كنتم تصنعون بها؛ قال: نمصها كما يمص الصبي ثم نشرب عليها من الماء فتكفينا يومنا إلى الليل .. وكنا نضرب بعصينا الخبط ثم نبله بالماء فنأكله (٢).

كان سعد بن عبادة وابنه قيس رضي الله عنهما يأكلان من أشجار الخبط وهي علف للإبل .. كانا يعانيان ما تعانيه تلك السرية ويشعران بما تشعر به .. فكأن لسيد الأنصار وابنه موقف عظيم .. الكرم الأنصاري يتدفق حتى يعانق أمواج البحر .. قام سعد بن عبادة بشراء مجموعة من


(١) صحيح البخاري ٤ - ١٥٨٥.
(٢) صحيح مسلم ٣ - ١٥٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>