من مسؤولياتها .. حيث يأتي الوعى والتحرر بالإِسلام في مقدمة تلك المسؤليات .. في تلك الغزوة لم تؤخذ تلك المرأة سبية .. ولم تجد من ذلك الجيش إلا ما يسرها ويفرح أيتامها لأنها لم تمارس أي شيء ضد الدولة الإِسلامية .. حتى ذلك الماء الذي كانت تحمله لم يؤخذ منه قطرة واحدة .. بل لقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - غيمة كرم ظللتها عندما أمر صحابته بتزويدها بالطعام وهم في أمس الحاجة إليه تعبيرًا عن مواساته لها ولظروفها العائلية وما تعول من أيتام ..
وإذا كانت تلك السرية عادت محملة بالمشاعر والعطايا والإيمان .. فإن هناك سرايا عادت ببعض الكدر رغم تنفيذها لمهماتها المناطة بها .. وتلك طبيعة البشر التي يفترض فيها الصواب والخطأ .. لكن تلك الأخطاء قدمت دروسًا في العقيدة والفكر.
[درس في حدود طاعة الأمراء]
سرية بعثها -صلى الله عليه وسلم- وعيَّن أحد الأنصار أميرًا عليها: يقول "علي رضي الله عنه بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سرية فاستعمل عليها رجلًا من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه فغضب فقال: أليس أمركم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تطيعوني؟ قالوا: بلى .. قال: فاجمعوا لي حطبًا .. فجمعوا .. فقال: أوقدوا نارًا .. فأوقدوها .. فقال: ادخلوها فهموا وجعل بعضهم يمسك بعضًا ويقولون: فررنا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من النار .. فما زالوا حتى خمدت النار .. فسكن غضبه .. فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة، الطاعة في المعروف"(١).