خزاعة وكأن العملية من بقايا السلب والنهب الجاهلي .. يقول أحد الصحابة "كان في صلح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية بينه وبين قريش أنه من شاء أن يدخل في عقد محمَّد وعهده دخل ومن شاء أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فتواثبت خزاعة فقالوا نحن ندخل في عقد محمَّد وعهده وتواثبت بنو بكر فقالوا نحن ندخل في عقد قريش وعهدهم فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة أو الثمانية عشر شهرًا ثم إن بني بكر الذين كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم وثبوا على خزاعة الذين دخلوا في عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهده ليلًا بماء لهم يقال له الوتير قريب من مكة فقالت قريش ما يعلم بنا محمَّد وهذا الليل وما يرانا أحد فأعانوهم عليهم بالكراع والسلاح فقاتلوهم معهم للضغن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"(١) والنيل منه ولو معنويًا .. لكن ذلك الليل لم يستطع طمس وجوه المجرمين الذين مزقوا معاهدة الحديبية التي تطرفوا في شروطها وتغطرسوا ومع كل هذا لم يلتزموا بها .. لم يستطع الظلام إخفاء تلك الجريمة فقد تمكن بعض رجال خزاعة من التعرف على المجرمين فأمرت خزاعة أحد رجالها واسمه: عمرو بن سالم كي ينطلق نحو المدينة لطلب النجدة من النبي - صلى الله عليه وسلم - ففعل .. ولما وقف أمام النبي - صلى الله عليه وسلم - انطلق الشعر من أعماقه جمرًا ومراراة
[الشعر يستغيث النصر لخزاعة]
يقول أحد الصحابة "أن عمرو بن سالم ركب إلى رسول الله عندما كان من أمر خزاعة وبنى بكر بالوتير حتى قدم المدينة إلى رسول
(١) سنده صحيح رواه ابن إسحاق ومن طريقه البيهقي في الكبرى ٩ - ٢٣٣ حدثني الزهري عن عروة بن الزبير عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أنهما حدثاه جميعًا وهذا السند هو سند البخاري في روايته لأول القصة.