للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن تلك الليلة: (لقد رأيتنا ليلة بدر وما من أحد إلا وهو نائم إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه يصلي إلى شجرة ويدعو حتى أصبح) (١) لقد نام بعض الصحابة بعد أدائهم لصلاة العشاء ثم ناموا جميعًا .. لقد استيقظ علي فرآهم نائمين .. وها هم الواحد تلو الآخر يهبون من نومهم العميق بعد علي بن أبي طالب فما الذي أيقظ علي وأيقظهم .. هل هو القمر .. هل هي الليل القمراء التي يحلو معها الحديث والسمر .. ؟ لا .. فالقمر قد اختفى .. والتعب أشد من أن يقاوم لكنه:

[المطر .. المطر]

تآلف السحاب .. وحجب القمر .. وتساقط المطر قطرات .. قطرات .. ثم ازدادت القطرات شيئًا قليلًا حتى تنبه الصحابة .. فإذا المطر يغسلهم .. ويخاطبهم القرآن كالمطر: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} (٢) ..

تحرك الصحابة يستظلون من المطر .. أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يكن نائمًا ليستيقظ .. يقول علي رضي الله عنه:

(ثم إنه أصابنا من الليل طش من مطر فانطلقنا تحت الشجر والحجف (٣) نستظل تحتها من المطر، وبات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو ربه عز وجل ويقول:


(١) حديث صحيح مر معنا. رواه أحمد والبيهقيُّ (٣/ ٣٩) وابن حبان (موارد ٤٠٩) من طريق شعبة أخبرنا أبو إسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي .. وهذا السند صحيح وقد مر معنا، رجاله رجال الشيخين عدا حارثة وهو تابعي ثقة. التقريب (١/ ١٤٥).
(٢) سورة الأنفال: الآية ١١.
(٣) الحجفة ترس من جلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>