ثم يتوجه السياق من الماضي المدفون إلى الحاضر الحي .. إلى قومك أهل مكة المشركين وإلى غيرهم ما دامت السماوات والأرض: {أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ (٤٣) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (٤٤) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (٤٦) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (٤٧) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩) وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٥١) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (٥٣) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} (١). لكن المشركين يدفنون الحق في أعماقهم .. ويعترفون به لكنه اعتراف كـ:
[اعتراف أبي جهل بالحقيقة]
حيث كان أحد دهاة العرب ودهاة الطائف وهو: المغيرة بن شعبة ولأول مرة يعرف صدقه - صلى الله عليه وسلم - .. لكن على لسان من؟ الإجابة مدهشة .. لأنها تومض كالجمر على لسان طاغوت قريش أبي جهل. يقول المغيرة: (إن أول يوم عرفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أني كنت أمشي أنا وأبو جهل بن هشام في بعض أزقة مكة، إذ لقينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي جهل: يا أبا الحكم، هلم إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، وإلى رسوله، أدعوك إلى الله. قال أبو جهل: يا محمَّد هل أنت منته عن سب آلهتنا، هل تريد إلا أن نشهد أن قد بلغت، فنحن نشهد أن قد بلغت، فوالله لو أني أعلم أن ما تقول حقًا ما اتبعتك. فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأقبل أبو جهل على فقال:
فوالله إني لأعلم أن ما يقول حق، لكن بني قصي. قالوا: