للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأعاد عليه. قال وهب: قد كنت تخبرنا خبر أهل الأرض، فنكذّبك، فأراك تخبر خبر أهل السماء "أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله". قال: يا رسول الله، أعطني عمامتك، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عمامته، ثم خرج إلى مكة.

فقال عمر رضي الله عنه: لقد قدم وإنه لأبغض إليّ من الخنزير، ثم رجع وهو أحبّ إليّ من بعض ولدي) (١)، قال عمر ذلك لأنه لا يملك قلبه .. لقد أهداه إلى أحب الخلق إليه .. بعد أن أهداه إلى خالقه .. قلب عمر ليس ملكًا له .. ولذلك أحب وهبًا بعد أن كان كالخنزير أمامه.

[متى أهدى عمر قلبه]

أهدى عمر قلبه عندما كان يمشي مع حبيبه - صلى الله عليه وسلم - يحمله الشوق .. يحمله الحب .. فالتفت نحو ذلك الحبيب فباح له بحب عظيم:

يقول الصحابي عبد الله بن هشام: (كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله لأنت أحب إلى من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال له عمر: فإنه الآن .. والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الآن يا عمر) (٢).

تنازل عمر عن قلبه وعن نفسه .. فتماهى هواه وقلبه بحب الله ورسوله .. فعاش عمر مأخوذًا. بمراد الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ..


(١) سنده قوي وقد مر معنا تحت عنوان: شبح على أرض أحد.
(٢) حديث صحيح رواه البخاري (٦٦٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>