رقيق القلب تجاه أمه فصدق ما قيل له .. فنزل عمر عن راحلته ليركب أخوه عليها .. فإذا سريعة متى ما أحس بحاجة إلى الهرب .. وتمت التمثيلية .. ووقع عياش في الأسر والحزن .. وحاصرته جبال مكة حتى اقتربت من أضلاعه .. وطوته الأيام بالهموم والضياع .. حتى نزل الفرج من الله .. كلمات تشرح الصدور وتغرس فيها الآمال من جديد .. ولم يكن عياش وهشام وحدهما المأساة .. فـ (أم سلمة) كانت حزنًا يزحف في طريق الهجرة .. أم سلمة كانت غربة تبحث عن أرض كالحب .. كالأمان تحقق انتماءها عليها .. أم سلمة امرأة حزينة .. هامت على وجهها تبحث عن حياة حقيقية تليق بمسلمة مثلها لا ترضى بالذل ولا بالتخلف معها. ركبت البحر إلى الحبشة بصحبة زوجها العظيم (أبي سلمة رضي الله عنهما) .. وركبته ثانية عائدة إلى مكة بعد أن لاح في الأفق أمل للحرية في أجواء مكة .. عادت وزوجها .. فوجدا مكة أكثر ظلمة .. وأكثر أنيابًا .. ولما سمعا بأن في حرة المدينة أذرعًا وقلوبًا مفتوحة وشمسًا مشرقة .. التفتا إليها لعل هذا الهم ينفض عن قلبيهما .. وسارا نحو مدينة الإِسلام الجديدة لا يعلمان ماذا تخبئ الجبال خلفها .. ولا أي حزن كانت تغطيه رمال الطريق.
[مأساة هند]
تقول رضي الله عنها:
(لما أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة رحل لي بعيره، ثم حملني عليه، وحمل معي ابني "سلمة بن أبي سلمة" في حجري، ثم خرج بي يقود بي بعيره، فلما رأته رجال بني المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، قاموا إليه، فقالوا: هذه نفسك غلبتنا عليها أرأيتك صاحبتك هذه، علام نتركك