للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وفاء نذر نذره عمر في الجاهلية]

يقول ابنه عبد الله بن عمر "إن عمر بن الخطاب سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بالجعرانة بعد أن رجع من الطائف فقال: يا رسول الله .. إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف يومًا في المسجد الحرام فكيف ترى؟ قال: اذهب فاعتكف يومًا" (١) فهو وإن كان نذر طاعة إلا أنه عبادة تحتاج إلى سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأخذ شرعيتها .. لأن العبادات في الإِسلام محرمة إلا إذا كان لها دليل من كلام الله أو موافقة نبيه - صلى الله عليه وسلم - .. وهذا النذر كصلاة بلال عندما "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبلال عند صلاة الغداة:

يا بلال .. حدثني بأرجى عمل عملته عندك في الإِسلام منفعة فإني سمعت الليلة خشف نعليك بين يدي في الجنة قال بلال: ما عملت عملًا في الإِسلام أرجى عندي منفعة من أني لا أتطهر طهورًا تامًا في ساعة من ليل ولا نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي" (٢)

فلو لم يقر النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل بلال لتحول ذلك العمل إلى ابتداع مرفوض في الإِسلام .. فذات يوم و"بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب إذا هو برجل قائم .. فسأل عنه .. فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم .. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه" (٣)

فقد وافقه النبي - صلى الله عليه وسلم - على نذر الطاعة فقط وهو الصوم واحتج على نذر المعصية وأبطله .. ففي الإِسلام يجب أن تظل العبادة نقية من الزيادة والنقصان والغلو حتى يبقى هذا الدين نقيًا كما أنزل .. وحتى لا يتكئ


(١) صحيح مسلم ٣ - ١٢٧٧.
(٢) صحيح مسلم ٤ - ١٩١٠.
(٣) صحيح البخاري ٦ - ٢٤٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>