للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها .. ثم لقي العدو فهزمهم ولم يدعهم يطلبون العدو .. فلما رجعوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبروه بالخبر وشكوا إليه .. فقال: كانوا قليلًا فكرهت أن يوقدوا فيستبين للعدو قلتهم .. وكرهت أن يتبعوا العدو وخفت أن يكون لهم مادة فيعطفوا على الناس. فحمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمره" (١) وتبين للجميع بعد نظر النبي-صلى الله عليه وسلم- في اختياره لقادة جيشه ودهاء عمرو العسكري مع مساحة الحرية الشاسعة في طرح المشاكل والشكاوى دون قمع أو مصادرة للرأي الآخر .. بعد ذلك طرح النبي -صلى الله عليه وسلم-سؤالًا حول اجتهاده عندما صلى بأصحابه ولم يغتسل واكتفائه بالتيمم فقط ويقول عمرو: "احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح .. فذكروا ذلك للنبي-صلى الله عليه وسلم- فقال: يا عمرو .. صليت بأصحابك وأنت جنب؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت إني سمعت الله يقول: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يقل شيئًا" (٢)

انتصارات لعمرو بن العاص في الحرب والسلم .. خرج عمرو منها بأشياء كثيرة لكن نفسه كانت تحدثه بنصر أكثر اتساعًا وأعمق غورًا ..

[عمرو بن العاص في يبحث عن مكانه في قلب النبي (صلى الله عليه وسلم)]

فقد قام بأعمال قياسية في فترة قصيرة وهو أمر لم يكن يحلم به بل هو من المستحيلات لو ظل عمرو قابعًا متخثرًا بشركه .. ولاه -صلى الله عليه وسلم- على صاحبيه أبي بكر وعمر وهو أمر لم يكن عمرو يتوقعه .. ثم إنه انتصر في المعركة وأبدع في قراراته وأصاب في اجتهاده .. فماذا بقي سوى أن ينتصر على من


(١) حديث صحيح مر معنا قبل قليل.
(٢) حديث صحيح مر معنا قبل قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>