عنده" وبعث بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع شرحبيل بن حسنة "وجهازها كله من عند النجاشى") (١) عبرت أم حبيبة البحر تحمل مهرها والفرح .. عبرت الحزن والغربة .. وجعلها الله من أمهات المؤمنين .. من سيدات نساء العالم والجنة .. من حبيبات النبي - صلى الله عليه وسلم - .. وصار لها بدل الهجرة هجرتين .. وأزاح ذلك العرس ما بها من شقاء وغربة وأحزان .. وصلت رملة ففرح بها النبي -صلى الله عليه وسلم- .. وكان قد أعد لها منزلًا تسكنه .. تشاركه حياته ومعاناته وأفراحه .. أما والدها أبو سفيان فيبدو أن الخبر أفرحه .. لذلك لم يصدر منه ما ينبئ عن استنكاره لذلك الزواج .. فهو يعتبر النبي -صلى الله عليه وسلم- زعيمًا لا مثيل له .. وإنه لشرف أن يكون صهرًا لهذا الزعيم ..
ولئن كان زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها قد أبهج والدها إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عزم على ما يكدر صفوه .. ويضيف إلى هزيمته عند الخندق هزيمة أخرى .. فـ:
[النبي (صلى الله عليه وسلم) يريد أداء العمرة]
وهذا من حقه .. ومن حق أي عربي .. بل من حق أي إنسان أن يزور بيت الله ويطوف به .. لكن قريشًا تفكر بطريقة مختلفة .. فهي لا تنظر إليه حقًا من حقوق خصمها الذي يجب عليها أن تؤمن له الحماية ما دام على أرضها .. وهذه من صفات قريش الكريمة المحسوبة لها .. لكنها
(١) سنده صحيح رواه أبو داود (٢١٠٧) واللفظ له وأحمدُ (٦/ ٤٢٧) والزوائد له .. ورواه النسائي كلهم: حدثنا ابن المبارك، حدثنا معمر، عن الزهري عن عروة عن أم حبيبة .. وعروة والزهري إمامان وتابعيان ثقتان مرا معنا كثيرًا .. ومعمر بن راشد تلميذ الزهري ثقة ثبت فاضل -التقريب (٢/ ٢٦٦) أما تلميذه وشيخ أحمد عبد الله بن المبارك فهاك ما قاله ابن حجر ملخصًا سيرته العطرة: ثقة، ثبت، فقيه، عالم، جواد، مجاهد، جمعت فيه خصال الخير - التقريب (١/ ٤٤٥).