وفينا عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح فأصابتنا مخمصة شديدة فانطلقت ألتمس المعيشة فألفيت قومًا يريدون ينحرون جزورًا لهم فقلت إن شئتم كفيتكم نحرها وعملها وأعطوني منها ففعلت فأعطوني منها شيئًا فصنعته ثم أتيت عمر بن الخطاب فسألني من أين هو فأخبرته فقال أسمعك قد تعجلت أجرك وأبى أن يأكله ثم أتيت أبا عبيد فأخبرته فقال لي مثلها وأبى أن يأكله فلما رأيت ذلك تركتها" (١) .. لم يبرر الجوع لأبي بكر وعمر وأبي عبيدة وعوف رضي الله عنهم أن يتناولوا لقمة شكوا في إباحة مصدرها .. وكأن الصديق يجعل من جهالة تحديد أجرة الذبح مبررًا لتركها .. وكأنه يقول لعوف: أنه لا بد من تحديد الأجرة قبل القيام بالعمل المتفق عليه وحكمة الإسلام هي في إقصاء أسباب النزاع بين العامل وصاحب العمل لا سيما إذا كان الاثنان من المسلمين .. فالاقتصاد الإسلامي اقتصاد أخلاقي قبل كل شيء وليس كاقتصاد اليهود والمشركين الذين يتسم بالمراباة والاستغلال واللا أخلاقية لكن المدهش أن أبا بكر الصديق بعد هذا كله يقوم بسلب بعض أشياء رافع الطائي ..
[أبو بكر الصديق يتمكن من سرقة رافع]
السرقة هنا ليست على طريقة رافع الطائي بل على طريقة أبي بكر الصديق وفي وضح النهار وعلى مرأى من الجميع .. ففي تلك الأجواء
(١) سنده قوي رواه الإمام أحمد ٦ - ٢٤ والبيهقيُّ في الكبرى ٦ - ١٢٠ والدلائل ٤ - ٤٠٤ والروياني ١ - ٣٩٦ وغيرهم من طرق عن سعيد بن أبي أيوب وابن لهيعة جميعًا عن يزيد ابن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط أخبره عن مالك بن هدم يعني عن عوف بن مالك الأشجعى .. ابن لهيعة تابعه سعيد وهو ثقة ثبت من رجال الشيخين: التقريب ١ - ٢٩٢ وشيخه يزيد تابعي ثقة فقيه من رجال الشيخين وشيخه ربيعة وكذلك مالك تابعيان وثقهما الإمام توثيقًا لفظيًا- ١٥٩ و ٤١٩.