للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجمل في سم الخياط" (١) أي حتى يدخل الجمل في فتحة الإبرة .. وهم أولئك الذين حاولوا اغتيال النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما "خرجوا من العقبة ينتظرون الناس فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لحذيفة: هل عرفت يا حذيفة من هؤلاء الرهط أو الركب أو أحدًا منهم؟ قال حذيفة: عرفت راحلة فلان وفلان كانت ظلمة الليل وغشيتهم وهم متلثمون فقال - صلى الله عليه وسلم -: هل علمتم ما كان شأن الركب وما أرادوا؟ قالوا: لا والله يا رسول الله قال: فإنهم مكروا ليسيروا معي حتى إذا أظلمت في العقبة طرحوني منها

قالوا: أفلا تأمربهم يا رسول الله إذا جاء الناس فتضرب أعناقهم؟ قال: أكره أن يتحدث الناس ويقولوا إن محمَّد قد وضع يده في أصحابه. فسماهم لهما وقال: اكتماهم" (٢) فامتثل حذيفة وعمار رضي الله عنهما وكتما السر ولم يخبرا أحدًا بهويته إلا بعد موته حتى لا يصلى عليه .. وكان مما جعل مشكلة النفاق تتلاشى ويتلاشى أثرها ما يحدث في هذا العام المبهج:

[عام الوفد]

ففى هذا العام توافد زعماء القبائل نحو النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى تحولت المدينة إلى عاصمة مزدانة ومزدحمة بالمبايعة والالتزام السياسي والديني بالإِسلام .. كان كل يوم يمر يدني الجاهلية من نهايتها .. حيث يعود كل وفد إلى دياره محطمًا داخل أعماقه كل رموز الجاهلية .. وعندما تطأ أقدامه دياره تبدأ الأيادي التي تعلمت الطهارة في المدينة بتحطيم الأصنام والأوثان التي كانت تعبد من دون الله الواحد الأحد .. ولعل من أول الوافدين


(١) صحيح مسلم ٤ - ٢١٤٣.
(٢) حديثٌ حسنٌ مر معنا عند الحديث عن العودة من تبوك.

<<  <  ج: ص:  >  >>