لا يستسقى مطرًا .. بل الساحة والصحابة بأشدّ الحاجة إلى دماء هذا الطاغوت الجريء .. الذي سفك هو وأخوه من الدماء ما يكفي .. سأترك الحديث للزبير ليكمل لنا القصة:
يقول رضي الله عنه:(شجَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحُد في وجهه، وكسرت رباعيته، وذلق من العطش حتى جعل يقع على ركبتيه، وتركه أصحابه. فجاء أبي بن خلف يطلبه بدم أخيه: أمية بن خلف، فقال: أين هذا الذي يزعم أنه نبيّ فليبرز لي، فإنه إن كان نبيًا قتلني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أعطوني الحربة، فقالوا: يا رسول الله .. وبك حراك؟ فقال: إني قد استسقيت الله دمه، فأخذ الحربة ثم مشى إليه، فطعنه، فصرعه عن دابّته، وحمله أصحابه فاستنقذوه، فقالوا له: ما نرى بك بأسًا. قال: إنه قد استسقى الله دمي، إني لأجد لها ما لو كانت على ربيعة ومضر لوسعتهم)(١)، ثم هلك مع من هلك من الطواغيت قبله .. ولحق بأخيه إلى الجحيم- أعاذنا الله منها .. وهرب أتباعه بعد أن رأوا تلك الضربة النبوية المميتة .. وتراكضوا نحو أصحابهم يخبرونهم عن رمح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. وعن قوّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليكدر عليهم بقية نصرهم ..
أمّا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبعد أن زرع الرمح في جسد أبي بن خلف رجع إلى مكانه متعبًا يشير إلى سنّه المكسورة وجثّة ذلك الطاغوت .. فقال - صلى الله عليه وسلم -: (اشتدّ غضب الله على قوم فعلوا بنبيّه -يشير إلى رباعيته- اشتدّ غضب الله
(١) سنده صحيح رواه ابن أبي شيبة (٣/ ٣٧١): حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها وشيخ ابن أبي شيبة ثقة ثبت إذا شك في حرف من الحديث تركه التقريب- (٢/ ٢٥) وشيخه ثقة عابد (التقريب-١/ ١٩٧) من رجال مسلم وهشام ووالده أعلام مروا معنا كثيرًا.