للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبو طالب. فلم يزل يناشده حتى رده) (١) إلى مكة خوفًا عليه بعد أن تأكد من صفاته: صفات النبي المنتظر.

[الأمين والغنم]

الناس وقود الحياة .. يكدحون .. يحترقون ليشعلوها .. ولم يكن محمَّد - صلى الله عليه وسلم - شابًا خاملًا تتعثر به الحياة .. فيقتات من نسبه .. ويستطعم من شرفه .. لقد كان حياة للحياة .. يحمل فأسه لصخورها .. ويشق طريقه بذراع مفتول .. وجبين مرفوع .. وشباب متجدد .. تعاملت معه قريش كلها .. حتى اقتطع منها لقبًا طغى على كل اسم هو له .. ولم يكن ليحصل على ذلك اللقب لو كان قد رضي بالوقوف على أطلال آبائه وأجداده يُذكِّر من يمر بها ويكتفي .. لقد دخل عليهم وهم مجتمعون حول الكعبة .. فقالوا بصوت واحد: (أتاكم الأمين) (٢). الأمين .. نعم هذا هو اللقب- الاسم .. انتزعه من قلوبهم قبل أن يبذلوه له بألسنتهم .. لقد جربوه وخبروه .. والأمانة لا توهب إلا بعد التجارب .. وليس لدى محمَّد الشاب ما يبذله من مال أو سلطة ليرغمهم على قول ذلك .. لا سيما وهو أصغرهم سنًا .. بل وربما كان أفقرهم وأيتمهم.

لقد ألجأه الفقر إلى أشقى المهن وأبسطها .. لقد كان يسير طوال نهاره


(١) إسناد قوي، رواه الترمذيُّ. الخرائطى (سيرة ابن كثير ١/ ٢٢٦) وأبو نعيم (١٢٩): حدثنا قراد أبو نوح، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه قال: ... وأبو بكر ابن أبي موسى الأشعري؛ تابعي ثقة، اسمه أبو بكر بن أبي موسى الأشعري. (التقريب ٢) ويونس ابن أبي إسحاق السبيعي، حسن الحديث، انظر تهذيب التهذيب (١١/ ٤٣٣) أما قراد، فاسمه عبد الرحمن بن غزان الضبي، فهو أحد الثقات. التهذيب (٦/ ٢٤٧).
(٢) حديث صحيح سيمر معنا تحت عنوان (يبني الكعبة ويضع الحجر).

<<  <  ج: ص:  >  >>