لم يكتفِ اليهود بالتآمر عليه - صلى الله عليه وسلم - .. بل أضافوا إلى خيانتهم ونقض عهدهم والوثيقة المكتوبة بينهم وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - .. أضافوا إلى قائمة جرائمهم جريمة هي الأشنع والأحقر .. جريمة تنزّ بالخسّة والوقاحة .. زوّر اليهود وأباحوا لنفسهم القفز على كل مبدأ وعقل وحقيقة .. فمنحوا للوثنيين المشركين صكًّا بالبراءة من كل إثم في كل ما يرتكبونه من جاهلية .. وسلبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - كل حق وحقيقة يملكها .. جعلوا التوحيد هو الباطل .. وطلبوا من عَبَدة الأخشاب والأحجار الاستمرار في طقوسهم المنحطة .. فعلوا ذلك كلّه وهم أهل كتاب .. وقد قرأوا الكثير .. الكثير عن محمد - صلى الله عليه وسلم - ونبوّته وصفاته .. فما هو العقاب الذي يستحقه هؤلاء .. مسلسل الوحل اليهودي لم ينته بعد .. فبعد أن وضعوا قريشًا في إحدى جيوبهم .. توجّهوا نحو قبيلة غطفان القوية فأغروها بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والمدينة .. وأغروها بتمر المدينة ونخيلها ونسائها .. فاستجابت .. وانتصبت المؤامرة .. وتدلّت ثمارها أمام اليهود والوثنين .. لكن الخبر وصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن طريق رجل أحمق من غطفان .. يدعى "الحارث الغطفاني".
غطفاق تطلب ثمن انسحابها من الأحزاب
(١) حديثٌ حسنٌ رواه ابن إسحاق بأسانيد عدة منها: حدثني يزيد بن رومان عن عروة ومن لا أتهم عن عبد الله بن كعب بن مالك .. ومحمَّد بن كعب القرظي والزهري وعاصم بن عمر بن قتادة .. وهذه الأسانيد كلها مرسلة وإن كان عبد الله بن كعب له رؤية .. وهي لا تقوي بعضها البعض لأنه ربما كان مصدرها واحدًا وهو مجهول .. لكن لها شاهد رفعها إلى درجة الحسن وهو عند ابن إسحاق أيضًا (تفسير ابن كثير- الأحزاب): حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس .. وهو سندٌ حسنٌ بالشواهد من أجل محمد بن أبي محمد .. وابن إسحاق لا يتهمه .. انظر التقريب (٢/ ٢٠٥) حيث قال عنه مجهول.