تلك هي مشاعر النبي - صلى الله عليه وسلم - ومشاعر من حوله من المؤمنين .. لكن ماذا عن مشاعر جيش المشركين الذي يرجع الآن إلى مكة .. ؟ إنهم الآن في أرض تسمّى:(الروحاء) .. وأبو سفيان يتحدّث إليهم ..
[أبو سفيان وجيشه نادمون]
ليس على قتالهم للمؤمنين .. بل على أشياء فاتتهم في المعركة .. أشياء عجزوا عن تحقيقها فـ (لما انصرف أبو سفيان والمشركون عن أُحد وبلغوا الروحاء، قالوا:
لا محمدًا قتلتم، ولا الكواعب أردفتم، شرّ ما صنعتم) (١) .. ماذا تعني هذه الكلمات وهي تتحسّر على بقاء محمَّد - صلى الله عليه وسلم - في سجلات الأحياء .. وتتحسّر على عدم التمكن من سبي فتيات المسلمين .. ؟ ربما كانت تعني أن هناك نية للعودة إلى أرض المعركة من جديد .. ومحاولة أخرى للإجهاز على ما تبقى من المؤمنين وهم يدفنون شهداءهم ..
وربما كانت مجرد زفرات وأماني ..
لكن كل ذلك لم يكن خارج نطاق تفكير النبي - صلى الله عليه وسلم - العسكري .. كان - صلى الله عليه وسلم - يقرأ أفكار القوم ويتصفح أحلامهم .. لذلك قرّر أن يقوم بحركة عسكرية لتغطية أسوأ الاحتمالات .. تحدّثنا عن ذلك فتاة شاركت في المعركة .. عائشة رضي الله عنها تتحدّث إلى أحد أبناء أختها- أحد أبناء الزبير بن العوام وتخبره عن سبب نزول قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ
(١) سنده صحيح رواه الطبراني (١١/ ٢٤٧): حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا محمَّد بن منصور الجواز، حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس وهذا السند صحيح، عكرمة وعمرو وسفيان أئمة ثقات ومحمَّد بن منصور ثقة- من رجال التقريب (٢/ ٢١٠) وشيخ الطبراني ثقة مأمون انظر: البلغة (٢٢٨).